الخطاب النقدي في الأدب العربي




إن النقد عملية إبداعية محظة في أجمل صورها و أحسن تجلياتها ، لأن أجدر الناس بنقد الأدب هو الأديب ، و أجدر الناس بنحت الشعر هو الشاعر ،فإذا اجتمع الأدب بالنقد و انتقل الشعر ليسكن في ثوب النقد ،كان بذلك الجمال النتطقي يحرك الإبداع و يبث الحياة ، وسط النتاج الأدبي الشعري. إنطلاقا من الخطابات المتشعبة التي يتميز بها كل منهج نقدي أو مدرسة نقدية نجد كل ناقد ينفرد بخطابه الخاص ،الذي يمثل اتجاهه النقدي و مفهومه ضمن مجموعة من النصوص النقدية المحظة ،توقفنا عند الخطاب النقدي و كل ما يحيط به من مفاهيم تأسيسية و روادها و هذا ما يجعلنا نتطلع إلى ثقافة شمولية واسعة تتجسد في ثوب رؤى و قضايا متضاربة حول عنصر واحد و الذي يتمثل في النقد و تشكله في جسد الخطاب . يعتبر الخطاب النقدي مجال من مجالات الخطاب الأدبي المتخصصة ،ينطلق من مصادر أساسية تتصور نوعا من التلاحم و التفاعل بين علمية النقد و إبداعيته، و يعني أن الخطاب النقدي كجهاز معرفي و نظما وظبفي عليه أن يتعامل بشكل دوري مع النقد الأدبي نفسه باعتباره خطابا متميزا له وظائفه المختلفة ، و مع طبيعة العلاقة الداخلية بين هذه الوظائف . إن الخطاب النقدي لا يتشكل و لا يتضح ملامحه من الوظائف التي يؤديها فحسب بل يتجاوزها إلى دوره الفعال في إبراز قيمته ،فعليه أن يكون موجه رئيسي و متكلم أول في مجاله ، و هدفه الرئيسي هو إرهاق قدرات القارئ أثناء عملية التلقي . فإذا ما اجتمع مصطلح النقد مع الخطاب كان بذلك علما كاملا ، فالنقد له أسسه و أهدافه و اتجاهاته و نقاده ، و هذا الاتجاه أخذ طريقا جديدا مع انصراف الدارسين عن دراسة النصوص الأدبية القيمة ، و اهتمامهم بمراجعة ذلك الركام النقدي الذي عرفته الفترة الأخيرة من إبداع و فن ، ذلك بهدف تجديد الفكر و إنارة النظرة إلى ماهية الأدب و النقد على حد سواء ، و حينما وجد الخطاب بشكل جلي وسط هذا الزخم من التوجهات الأدبية الراقية كان بذلك الاندماج و التحاور ، فاجتمع النقد مع الخطاب و تكون الخطاب النقدي ، و هو تيار مستقل يحمل بداخله توجهين اثنين ، لكل واحد منهما عالمه و أسسه ، و اجتماعهما يعني بالضرورة أن أحدهما يكمل الآخر ، و أنه لا يمكن الفصل بينهما ، فالنقد في عقوده الأخيرة اهتم بنفسه و طور ذاته ، و أصبح للغة وعي بحضورها و اعتبارها لغة إبداعية تدعو للبحث و التحقيق و الحوار ، و هذا ما يشير إلى تكلم اللغة و تبادل أطرافها من خلال الحديث ، أي أن الخطاب يبرز توجهه و اهتمامه 

بقلم : ك.بثينة

تعليقات